فصل: تفسير الآيات (1- 9):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.سورة نوح:

.تفسير الآيات (1- 9):

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)}
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت سورة {إنا أرسلنا نوحاً} بمكة.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يدعو نوحاً وقومه يوم القيامة أول الناس، فيقول: ماذا أجبتم نوحاً فيقولون: ما دعانا وما بلغنا وما نصحنا ولا أمرنا ولا نهانا، فيقول نوح: دعوتهم يا رب دعاء فاشياً في الأولين والآخرين، أمة بعد أمة، حتى انتهى إلى خاتم النبيين أحمد فانتسخه وقرأه وآمن به وصدقه، فيقول للملائكة: ادعوا أحمد وأمته، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته يسعى نورهم بين أيديهم، فيقول نوح لمحمد وأمته: هل تعلمون أني بلغت قومي الرسالة، واجتهدت لهم بالنصيحة، وجهدت أن استنقذهم من النار سراً وجهراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته: فإنا نشهد بما نشدتنا أنك في جميع ما قلت من الصادقين، فيقول نوح: وأنى علمت هذا أنت وأمتك ونحن أول الأمم وأنتم آخر الأمم؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه} حتى ختم السورة، فإذا ختمها قالت أمته: نشهد أن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم، فيقول الله عند ذلك: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} [ يس: 59]».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} قال: بها أرسل الله المرسلين أن يعبد الله وحده، وأن تتقى محارمه، وأن يطاع أمره.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} قال: الشرك {ويؤخركم إلى أجل مسمى} قال: بغير عقوبة {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر} قال: الموت.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فلم يزدهم دعائي إلا فراراً} قال: بلغني أنه كان يذهب الرجل بابنه إلى نوح، فيقول لابنه: احذر هذا لا يغرنك فإن أبي قد ذهب بي، وأنا مثلك فحذرني كما حذرتك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {جعلوا أصابعهم في آذانهم} قال: لئلا يسمعوا ما يقول {واستغشوا ثيابهم} قال: لأن يتنكروا له فلا يعرفهم {واستكبروا استكباراً} قال: تركوا التوبة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {واستغشوا ثيابهم} قال: غطوا بها وجوههم لكي لا يروا نوحاً ولا يسمعوا كلامه.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله: {واستغشوا ثيابهم} قال: تسجوا بها.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ثم إني دعوتهم جهاراً} قال: الكلام المعلن به، وفي قوله: {ثم إني أعلنت لهم} قال: صحت {وأسررت لهم إسراراً} قال: النجاء نجاء لرجل.

.تفسير الآيات (10- 16):

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)}
أخرج ابن مردويه عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثروا من الاستغفار، فإن الله لم يعلمكم الاستغفار إلا وهو يريد أن يغفر لكم».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً} قال: رأى نوح عليه السلام قوماً تجزعت أعناقهم حرصاً على الدنيا فقال: هلموا إلى طاعة الله فإن فيها درك الدنيا والآخرة.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: لا تعلمون لله عظمة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: عظمة، وفي قوله: {وقد خلقكم أطواراً} قال: نطفة ثم علقة ثم مضغة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} لا تعرفون لله حق عظمته.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: لا تخافون لله عظمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: لا تخشون له عقاباً ولا ترجون له ثواباً.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: لا تخشون لله عظمة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول أبي ذؤيب:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ** وخالفها في بيت نوب عوامل

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عليّ بن أبي طالب «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ناساً يغتسلون عراة ليس عليهم أزر، فوقف فنادى بأعلى صوته {ما لكم لا ترجون لله وقاراً}».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن الحسن في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: لا تعرفون لله حقاً ولا تشكرون له نعمة.
وأخرج ابن المنذر عن مطر في قوله: {وقد خلقكم أطواراً} قال: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً طوراً بعد طور وخلقاً بعد خلق.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة مثله.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد في قوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} قال: لا تبالون لله عظمة {وقد خلقكم أطواراً} قال: من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم ما ذكر حتى يتم خلقه.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن يحيى بن رافع في قوله: {خلقكم أطواراً} قال: نطفة ثم علقة ثم مضغة.
أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن في قوله: {خلق سبع سماوات طباقاً} قال: بعضهن فوق بعض، بين كل أرض وسماء خلق وأمر، وفي قوله: {وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً} قال: وجوههما في السماء وظهورهما إليكم.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله: {وجعل القمر فيهن نوراً} قال: إنه يضيء نور القمر فيهن كلهن كما لو كان سبع زجاجات أسفل منها شهاب أضاءت كلهن فكذلك نور القمر في السموات كلهن لصفائهن.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو قال: إن الشمس والقمر وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك عليكم آية من كتاب الله {وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عطاء في قوله: {وجعل القمر فيهن نوراً} قال: يضيء لأهل السموات كما يضيء لأهل الأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {وجعل القمر فيهن نوراً} قال: وجهه يضيء السموات، وظهره يضيء الأرض.
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال: اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار، وكان بينهما بعض العتب، فتعاتبا، فذهب ذلك، فقال عبد الله بن عمرو لكعب: سلني عما شئت، ولا تسألني عن شيء إلا أخبرتك بتصديق قولي من القرآن، فقال له: أرأيت ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع كما هو في الأرض؟ قال: نعم ألم تروا إلى قول الله: {خلق سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً}.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس {وجعل القمر فيهن نوراً} قال: وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض.
وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {وجعل القمر فيهن نوراً} قال: خلق فيهن حين خلقهن ضياء كأهل الأرض وليس في السماء من ضوئه شيء.

.تفسير الآيات (17- 28):

{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20) قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)}
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {والله أنبتكم من الأرض نباتاً} قال: خلق آدم من أديم الأرض كلها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {سبلاً فجاجاً} قال: طرقاً مختلفة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {سبلاً فجاجاً} قال: طرقاً مختلفة وأعلاماً.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ {ماله وولده}.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن وأبي رجاء أنهما كانا يقرآن {ماله وولده}.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرأها في نوح والزخرف وما بعد السجدة من مريم ولد وقال: الولد الكبير والولد الواحد.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ومكروا مكراً كباراً} قال عظيماً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {ولا تذرن ودّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً} قال: هذه أصنام كانت تعبد في زمن نوح.
وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مرديه عن ابن عباس قال: صارت الأصنام والأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف عند سبأ وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، وكانوا أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد حتى إذ هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة قال: اشتكى آدم عليه السلام وعنده بنوه ود ويغوث ويعوق وسراع ونسر، وكان ود أكبرهم وأبرّهم به.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن أبي عثمان قال: رأيت يغوث صنماً من رصاص يحمل على جمل أجرد، فإذا برك قالوا: قد رضي ربكم هذا المنزل.
وأخرج الفاكهي عن عبيد الله بن عبيد بن عمير قال: أول ما حدثت الأصنام على عهد نوح وكانت الأبناء تبرّ الآباء فمات رجل منهم فجزع عليه فجعل لا يصبر عنه فاتخذ مثالاً على صورته، فكلما اشتاق إليه نظره، ثم مات ففعل به كما فعل، ثم تتابعوا على ذلك، فمات الآباء، فقال الأبناء: ما اتخذ هذه آباؤنا إلا أنها كانت آلهتهم فعبدوها.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله: {ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً} قال: كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح فنشأ قوم بعدهم يأخذون كأخذهم في العبادة، فقال لهم إبليس: لو صوّرتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم، فصوروا ثم ماتوا فنشأ قوم بعدهم، فقال لهم إبليس: إن الذين كانوا من قبلكم كانوا يعبدوها.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب القرظي قال: كان لآدم خمسة بنين ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فكانوا عبّاداً فمات رجل منهم، فحزنوا عليه حزناً شديداً، فجاءهم الشيطان، فقال: حزنتم على صاحبكم هذا؟ قالوا: نعم، قال: هل لكم أن أصوّر لكم مثله في قبلتكم إذا نظرتم إليه ذكرتموه؟ قالوا: لا نكره أن تجعل لنا في قبلتنا شيئاً نصلي إليه. قال: فأجعله في مؤخر المسجد. قالوا: نعم فصوّره لهم حتى مات خمستهم فصوّر صورهم في مؤخر المسجد وأخرج الأشياء حتى تركوا عبادة الله وعبدوا هؤلاء، فبعث الله نوحاً فقالوا: {لا تذرن وداً} إلى آخر الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مطهر قال: ذكروا عند أبي جعفر يزيد بن المهلب فقال: إما أنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله، ثم ذكر وداً قال: وكان ود رجلاً مسلماً وكان محبباً في قومه، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان ثم قال: أرى جزعكم على هذا فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟ قالوا: نعم، فصوّر لهم مثله، فوضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه، فلما رأى ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل لكم في منزل كل رجل منكم تمثالاً مثله فيكون في بيته فتذكرونه؟ قالوا: نعم، فصوّر لكل أهل بيت تمثالاً مثله فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به. قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلهاً يعبدونه من دون الله. قال: وكان أول ما عبد غير الله في الأرض ود الصنم الذي سموه بود.
وخرج عبد بن حميد عن السدي سمع مرة يقول في قول الله: {ولا يغوث ويعوق ونسراً} قال: أسماء آلهتهم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وولده} بنصب الواو {ولا تذرن وداً} بنصب الواو {ولا سواعاً} برفع السين.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة قال: لم ينحسر أحد من الخلائق كحسرة آدم ونوح، فأما حسرة آدم فحين أخرج من الجنة، وأما حسرة نوح فحين دعا على قومه فلم يبق شيء إلا غرق إلا ما كان معه في السفينة، فلما رأى الله حزنه أوحى إليه يا نوح لا تتحسر فإن دعوتك وافقت قدري.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً} قال: واحداً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً} قال: أما والله ما دعا عليهم نوح حتى أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فعند ذلك دعا عليهم، ثم دعا دعوة عامة، فقال: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {رب اغفر لي ولوالدي} قال: يعني أباه وجده.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {ولمن دخل بيتي مؤمناً} قال: مسجدي.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ولا تزد الظالمين إلا تباراً} قال: خساراً.